تعيش هذه البلاد موجة من الهجمات الفكرية الخطيرة . أعدها أعداءها ومن
تربى في
أحضان أعدائها . تربى في أحضانهم الفكرية والعقدية .
حتى صارت الصحف والقنوات تنضح بكلمات هؤلاء في موجة من العفن المتسلط على
أهل
هذه البلاد ، كل ذلك سخر لحرب الإسلام على خطط محكمة والمسلمون أكثرهم
غافلون.
يجدُّ أعداؤهم ويهزلون ، ويسهر خصومهم وينامون .
وكان من أخطر ما أفرزته علينا تلك الهجمات فتنة الاختلاط التي سرت في
العالم
الإسلامي .
لقد بدأت الدعوة لها بعد دخول الاستعمار الغربي الكافر على المسلمين وكانت
أول
شرارة قُدحت لضرب الأمة الإسلامية هي في سفور نسائهم عن وجوههن ، وذلك على
أرض
الكنانة في مصر .
حيث بُذِرت البذرة الأولى للدعوة إلى تحرير المرأة ، على يد رفاعة رافع
الطهطاوي .
ثم تتابع على هذا العمل عدد من المفتونين المستغربين وقد تولى كبر هذه
الفتنة
داعية السفور قاسم أمين الهالك الذي ألف كتابه "تحرير المرأة" ووقف أمامه
العلماء .
ثم ظهرت الحركة النسائية في القاهرة لتحرير المرأة برئاسة هدى شعراوي .
وهكذا تتابع دعاة الفساد ، وهرول معهم الكتاب الماجنون بمقالاتهم الفاسدة ،
التي تدعو للسفور والفساد ، والهجوم على الفضائل والأخلاق ، من خلال وسائل
شتى
نشر صور النساء الفاضحة ، والدمجُ بين الرجل والمرأة في المناقشة والدعوة
إلى
المساواة بينهما ، وتسفيه قيام الرجل على المرأة .
يساند ذلك الهجوم الخطير أمران :
إسنادهم من الداخل .
وضعف مقاومة المصلحين لهم بالقلم واللسان ، والسكوت عن فحشهم ، وعدم نشر
مقالاتهم ، أو تعويقها ، وإلصاق تُهم التطرف والرجعية بهم ، وإسناد
الولايات
إلى غير أهلها من المسلمين الأمناء الأقوياء.
هكذا صارت البداية المشؤومة للسفور في هذه الأمة .
ثم أخذت تدب في العالم الإسلامي في ظرف سنوات ، كالنار الموقدة في الهشيم .
حتى آل الأمر إلى وضع قوانين ملزمة بالسفور .
ففي تركيا أصدر الملحد أتاتورك قانوناً بنزع الحجاب وفي ألبانيا وتونس
وغيرها
صدرت القوانين بذلك .
وفي العراق تولى كبر هذه القضية ـ المناداة بنزع الحجاب ـ الزهاوي
والرُّصافي ،
نعوذ بالله من حالهما فسقط الحجاب في العراق.
وفي الجزائر قصة نزع الحجاب ... قصة تتقطع منها النفس حسرات ـ ذلك أنه
سُخِّر
خطيب جمعة بالنداء في خطبته إلى نزع الحجاب ، ففعل المبتلى ، وبعدها .
قامت فتاة جزائرية فنادة بمكبر الصوت بخلع الحجاب ، فخلعت حجابها ورمت به ،
وتبعها فتيات ـ منظمات لهذا الغرض ـ نزعن الحجاب ، فصفق المسخَّرون ومثله
حصل
في مدينة وهران ، ومثله حصل في عاصمة الجزائر الجزائر ، والصحافة وراء هذا
إشاعة وتأييداً .
وفي المغرب الأقصى وفي الشام وما أدراك مالشام . إنه أعظم معقل للإسلام
أمام
اليهود فكيف لا تسلط عليه الأضواء ، وكيف يترك بلا طعنات مسمومة انتشر
السفور
والتبرج والإباحية على أيدي القومية تارة ، وعلى دعاة البعث تارة أخرى .
أما في الهند وباكستان فكانت حال النساء المؤمنين على خير حال من الحجاب ـ
دَرْعُ الحشمة والحياء ـ وفي عام 1950 م بدأت حركة تحرير المرأة والمناداة
بجناحيها : الحرية والمساواة ، وتُرجم كتاب قاسم أمين "تحرير المرأة" ثم
من
وراء ذلك الصحافة في الدعاية للتعليم المختلط ونزع الخمار ، حتى بلغت هذه
القارة من الحال ما لا يُشكى إلا إلى الله تعالى منه .
وكان سعاة الفتنة ينادون بالنداء إلى تحرير المرأة وباسم الحرية
والمساواة.
فباسم الحرية والمساواة :
• أخرجت
المرأة
من البيت تزاحم الرجل في مجالات حياته .
• وخُلع
منها
الحجاب وما يتبعه من فضائل العفة والحياء والطهر والنقاء .
• وغمسوها
بأسفل
دركات الخلاعة والمجون ، لإشباع رغباتهم الجنسية .
• ورفعوا
عنها
يدَ قيامِ الرجال عليها ؛ لتسويغ التجارة بعرضها دون رقيب عليها .
• ورفعوا
حواجز
منعَ الاختلاط والخلوة ، لتحطيم فضائلها على صخرة التحرر ، والحرية
والمساواة.
• وتم
القضاء على
رسالتها الحياتية ، أمّا وزوجة ، ومربية أجيال ، وسكناً لراحة الأزواج،
إلى
جعلها سلعة رخيصة مهينة مبتذلة في كف كل لاقط من خائن وفاجر .
إلى آخر ما هنالك من البلاء المتناسل ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
{وَاللّهُ
يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ }
واليوم تُعاد المطالب المنحرفة ؛ لضرب الفضيلة ، في آخر معقل للإسلام ،
وجعلها
مهاداً للجهر بفساد الأخلاق : إن البداية مدخل النهاية ، وإن أول عقبة
يصطدم
بها دعاة المرأة إلى الرذيلة ، هي الفضيلة الإسلامية : "الحجاب لنساء
المؤمنين"
فإذا أسفرن عن وجوههن ، حسرن عن أبدانهن وزينتهن التي أمر الله بحجبها
وسترها
عن الرجال الأجانب عنهن ، وآلت حال نساء المؤمنين إلى الانسلاخ من الفضائل
إلى
الرذائل ؛ من الانحلال والتهتك والإباحية ، كما هي سائدة في جل العالم
الإسلامي
، نسأل الله صلاح أحوال المسلمين .
واليوم يمشي المستغربون الأجراء على الخطى نفسها ، فيبذلون جهودهم مهرولين
؛
لضرب فضيلة الحجاب في آخر معقل للإسلام ، حتى تصل الحال ـ سواء أرادوا أم
لم
يريدوا ـ إلى هذه الغايات الألحادية في وسط دار الإسلام الأولى والأخيرة ،
وعاصمة المسلمين ، وحبيبة المؤمنين : "جزيرة العرب" التي حمى الله قلبها
وقبلتها ، منذ أسلمت ، فنسأل الله جل وعلا أن يرد كيدهم في نحورهم .
|
قصة نزع الحجاب ـ لفتات من كتاب الشيخ بكر أبو زيد ( حراسة الفضيلة ) |